بداية و قبل الحديث عن المقاطعة يجب ان نتفق ان الشعوب العربية كلها امام منعطف تاريخى هام و خطير وهو انها اما ان تنساق خلف المصير المجهول الذى ترسمة الحضارة الغربية لها و اما ان تقف لبرهة وتفكر وتقرر ان تحدد مصيرها بنفسها ولا تترك أحد يحدد لها مصيرها,و يجب ان نتفق ايضا ان للشعوب خياراتها و للحكومات خياراتها بمعنى انة بدل ان نتباكى على حال الحكومات العربية دعونا ندرس ما بايدنا من اسلحة و نستخدمها حتى نكون قد ادينا ما علينا من واجب على الاقل امام انفســنا.
ومن خيارات الشعوب التى اتفق جميع المفكرين و العلماء و الكتاب على انها احد اهم اسلحة الشعوب فى وجة مسـتعمرية سلاح "المقاطعة" و لكن كثير من الناس يتسـألون عن معناها و مضمونها وهم فى حيرة من امرهم و لهم الحق فى ذللك لاننا كشعوب عربيـة لم نحاول ان نعرف ونستكشف ما بأيدينا من أسلحة و مدى قوتها و قوتنا ولكن بدلا من ذلك ظللنا نتحدث عن قوة خصومنا و مدى قوة اسلحتة و معداتة اقتصادية كانت او مادية او عسكرية او حتى ثقافية,و نحن هـنا لا ندعوا الى كره احد او الى معاداة احد و لكن فقط الى الوقوف لحظة من الزمان للتدارس و التفكير و التأمل فى اسلحتنا و قوتـنا و خياراتنـا وتحليلها و معرفة هل يمكننا استخدامها فى مواجهة خصومنا ام لا؟
معنى المقاطعه
وهو بكل بساطه .. عملية تحول المنتج و المستهلك و المستورد من التعامل مع سلعة (سلع) او خدمة (خدمات) لدولة (دول) تعمل ضد المصالح العليا للوطن او ضد اهداف المجتمع و قضاياة الاستراتيجية.
اذا نحن نقاطع عندما نشعر ان اهدافنا الوطنية و القومية فى موضع تهديد.
ونحن نسـال كل قارئ و اى قارئ متى يكون امننا و اهدافنا القومية و العربية مهددة ان لم تكن الان؟
المقاطعه تاريخيا
رفع شعار المقاطعة لم ياتى من فراغ او من لاشئ او بمعنى آخر نحن كشعوب عربية لسنا مخترعوة او اصحاب فكرة انشـأة و ان كنا سباقين فى استعمالة و هو امر يجهلة كثير من الناس .
و ذلك فى عام 1922 حينما قاطع اهل فلسطـين السلع الاسرائيلية وذلك ردا على مقاطعة اليهود للسلع العربية.
وفى عام 1945 بدأ تاريخ المقاطعة العربية لأسرائيل رسميا عندما اتخذت جامعة الدول العربية قرارت و توصيات بضرورة المقاطعة الاقتصادية لأسرائيل ، واعتبرتة عملا دفاعيا مشروعا و احدى الوسائل التى يستخدمها العرب ضد الاعتداءات الواقعة عليهم من اسرائيل و وقاية للأمن القومى العربى.
و ايضا فى عام 1951 انشات جامعة الدول العربية جهاز المقاطعة الأقتصادية لأسرائيل الذى عمل بكفاءة و فاعلية و قد تم تشكيل لجنة دائمة للمقاطعة بدلا من اللجنة المؤقتة لمتابعة تنفيذ قرارات المقاطعة و مازال هذا المكتب يعمل حتى الأن.
ولكن دعونا من الامثلة العربية المتعددة لان بعض الناس لا يقتنعون دائما بما يفعلة العرب جيداً كان ام سيئا و هم دائما منتقدوة و لهذا سنبحث عن المقاطعة بعيدا عن العرب.
فاحد اشهر الامثلة شهرة ما فعلة السيـاسى الهندى المحنك غاندى حيث انة ضرب مثلا رائعا فى المقاطعة و كانت ضد الاستعمار البريطانى حين حضّ المواطنين الهنود على صنع ملابسهم بانفسهم بالاستعانة بالمغزل اليدوى و كان يقول كلمته المشهورة "كلوا مما تنتجون والبسوا مما تصنعون وقاطعوا بضائع العدو"
و لدينا ايضا النموذج اليابانى فلقد خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية و هى مدمرة بشكل كامل لا اقتصاد لا موارد لا بنية نحتية بمعنى اخر لم تبقى لهم الجرب اى شىء,ولكن الشعب اليابانى سطر احرف من نور فى تاريخة فلقد رفض اليابانيون مع ما هم فية من بؤس و دمار فى ذلك الوقت شراء السلع الامريكية و هى الدولة المنتصرة فى الحرب ورفض الوقوع فى براثن الاحتلال الامريكى الجديد وهو الاحتلال الاقتصادى و رفض سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على مقدراتة الاقتصادية و تم تحجيم الاستيراد من الخارج و تشجيع الاستثمار و الانتاج الصناعى و الزراعى و الخدمى اليابانى وو صلت حدود هذة المقاطعة الى مستوى جعل المنتج اليابانى يفرض نفسـة عالميا حتى فى الاسواق الامريكية نفسها و ان تحقق فائض فى الميزان التجارى اليابانى مع الولايات المتحدة و وصل الى حدود اثارة القلق و النزاعات التجارية الشديدة بين البلدين.
و لدينا ايضا النموذج الامريكى نفسـة,فالولايات المتحدة الامريكية تصدر قرارات من تلقاء نفسها تمنع فيها الشركات و المؤسسات الامريكية المختلفة من التعامل مع مجموعة من الدول التى تعتبرها مارقة او دول تدعم او ترعى الارهاب,اى انها تمنع كافة اشكال التعاون بين الشركات الامريكية و هذة الدول,و هى لم تتخذ هذا الاجراء الا عندما شعرت ان امنها القومى فى حالة تهديد مع الاخذ فى الاعتبار ان بعض هذة الدول او قل معظمها يبعد عنها الاف الكيلومترات و معظمها ايضا دول عربية
و لكن اكثر الامثال شهرة فى التاريخ الامريكى هو المثال الكوبى وهى الدوله التى لا تبعد عن الولايات المتحدة اكثر من بضعة كيلومترات من اقرب سواحلها و هى منذ اكثر من اربعين عاما ترفض اقامة علاقات طبيعية معها وكذلك تمنع الشركات الامريكية من التعامل معها,مع ملاحظة شئ مهم للغاية وهو ان معظم الشركات الامريكية قدمت شكاوى للحكومة الامريكية اكثر من مرة مفادها ان الحكومة الامريكية بهذة الطريقة تجعل الشركات الامريكية تخسر ملايين او قل مليارات الدولارات من المكاسب التى كانت من الممكن ان تتحقق لو ان الشركات الامريكية تواجدت فى هذة الاسواق.
اذاً المقاطعة ليست جديدة العهد بالشعوب العربية خاصا و الغربية عاما و قد استخدمتها و اتت بنتائج تفوق التوقعات.
اذاً بعد هذا السرد التاريخى لا نعتقد ان احدا سيخرج علينا يوما و يقول لنا انتم تخترعون اشياء غير موجودة وغير مجربة من قبل.
المقاطعه اقتصاديا
رفع شعار المقاطعة و ثارت حولة شكوك اقتصادية كثيرة بل و نزعم انة ثارت حولة حملة تشكيك عنيفة جدا و باهظة التكاليف و اللة وحدة يعلم لم كل هذا العنف فى رد الفعل .
فخرجت علينا صحف قومية و عربية كبيرة بعضها ينتمى الى الحكومات و بعضها مستقل يثير الشكوك حول مصير العمالة و مصير رأس المال الاجنبى بالاضافة الى موضوع التكنولوجيا و لكن المحصلة هو الاستماتة فى الدفاع عن المنتج الامريكى و لا ندرى اين كانت هذة الاقلام "الشريفة" عندما تم غزو اسواقنا العربية و اقتصاديتنا بالمنتجات الصينيـة و الاسيويـة.
اين كان الدفاع عن المنتج المصرى و العربى امام الغزو الاسيـوى.
الشاهد فى هذا الموضـوع هو حملات التشكيك المكلفة جدا ضد المنتج الوطنــى العربــى و دعونــا نرد على كل الاتهامات التى وردت على لسان هؤلاء "الشرفاء".
بدأ الحديث من المنظور الاقتصادى عن مصير العمالة و انها ستأتى بخراب و دمار على هذة الفئـة الكادحة .... هنا يجب ان نتوقف للحظة و نعلن شئ مهم وهو ان القضايا المصيرية بالنسبة للشعوب عامة و الامة العربية باكملها لا تحسب او دعونا نقول لا توزن بهذة الطريقة اصلا,فمثلا مصـر عندما طلبت من البلدان العربية فى حرب 1973 وقف تصدير البترول الى الولايات المتحدة و اوروبا,الم يعنى هذا خسارة ملايين الدولارات بالنسبة لهذة الدول؟
اذا فى القضايا المصيرية الامور لابد ان توزن بميزان المصلحة العامة و ليست لمصلحة فئة دون فئة.
ولكن و مع كل هذا دعونا نستبعد ولو فرضا النظرة العامة و نتعمق اكثر فى النظرة الضيقة لهذا الموضوع :
حجم العمالة فى هذة القطاعات ليست بهذة الضخامة التى تصورها لنا و سائل الاعلان بمعنى ان تاثيرها ليس بهذة الخطورة التى تصور لنا.
يجب ان نعلم انة يحدث عملية إحلال للمتج المصرى او العربى بدل المنتج المريكى او الاسرائيلى المقاطع,و الاموال التى تذهب الى هذة المحلات او التوكيلات سوف تذهب للترويج للمنتج المصرى او العربى,بمعنى انة طالما وجد طلب على السلع و الوجبات السـريعة المنتجة باستثمارات امريكية او مشتركة و تحمل علامات امريكية,سيتحول هذا الطلب بان يكون كفيلا بحفز استثمارات بديلة بشكل فورى سواء فى مجال انتاج سلع او وجبات سريعة عربية او بالتعاون مع البلدان الاوروبية الاكثر إعتدالا فى مواقفها من الصراع العربى الاسرائيـلى او حتى بالتعاون مع اليابان و بلدان الشرق الاقصى,وكل هذا يعنى ان سـياسة المقاطعة العربية للولايات المتحدة و اسرائـيل تمنح المنتجين العرب من القطاعين العام و الخاص فرصة تاريخية لتوسيع النشاط و السيادة فى الاسواق المحلية العربية بدلا من السعى وراء علامات تجارية لدولة تتخذ مواقف عدائية من العرب.
ثم ننتقل لنقطة هامة حدا يتغافل عنها كثير من العرب المتشدقين بالمنتج الامريكى و هو ان معظم الاستثمارات الامريكية الموجودة فى المنطقة العربية سواء كانت مشتركة مع شركات عربية او امريكية خالصة هى استثمارات فى مجال الوجبات السريعة و محطات البنزين او استخراج البترول او محلات بيع السلع الاستهلاكية و التى لا تنطوى على اى إضافة حقيقية للاقتصاد العربى لان هناك بدائل محلية لها و التى يمكن تنميتها و تطويرها,بالاضافة انة اذا افترضنا وجود استثمارات تكنولوجية امريكية و هذا لم يحدث لان الولايات المتحدة تمنع تصدير التكنولوجيا المتقدمة للبلدان العربية إجمالا.
بمعنى ان الولايات المتحدة تقوم بمقاطعة الدول العربية فى المجالات التى ترى ان مصلحتها تقتضى هذة المقاطعة,و حتى عندما صدرت الكمبيوتر العملاق للسعودية فان استخدامة كان مقيدا و حتى بالنسبة للاسلحة,بمعنى ان الصادرات الامريكية منها للبلدان العربية اقل تطويرا و تجهيزا من نظيراتها التى تصدر لاسرائيل,اضف الى ذلك فان استخدام الاسلحة المتقدمة يكون مقيدا و لا يمكن استخدامها ضد اسرائيل.
هذة النقطة موجهة للاقلام "الشريفة" اين كانت هذة الاقلام عندما بدأ برنامج الخصخصة فى مصر هذا البرنامج الذى فرضة البنك الدولى و الذى بالطبع تتحكم فية الولايات المتحدة الامريكية , الم يؤلمهم خروج اكثر من مائة الف موظف و عامل و فقدانهم وظائفهم فى ليلة و ضحاها , لماذا لم يتحدثوا عن مصير هؤلاء؟!
الم يعلموا ان سياسة المعاش المبكر ادت الى فقدان اكثر من 180 الف عامل لوظائفهم منذ منتصف التسعينات الى الان,فضلا عن بيع شركات استراتيجية و قطاعات باكملها مثل قطاع الاسمنت الذى بيعت غالبية شركاتة الى الاجانب
المقاطعه ثقافيا
قد يفهم البعض من هذا العنوان اننا ندعوا الى إغلاق الحوار مع الغرب او الى تجاهل الغرب ثقافيا و هذا مرفوض تماما من جميع الجهات بل على العكس تماما اننا ندعوا الى فتح قنوات جديدة للحوار مع الغرب و الى زيادة الجهد لتعريف الغرب بالحضارة العربية و العادات و التقاليد العربية و الى إفهامهم ايضا ان العرب ليسوا إرهابيين و تصحيح كثير من المفاهيم و المغالطات عن العرب.
انما نحن ندعوا الى مقاطعة ما يضرنا من هذة الحضارة, و اعتقد ان المفكرين الغربيين قبل العرب يعرفون مدى فساد هذة الحضارة, الا تعلم ان 14% من المجتمع الامريكى لا ينتمى الى اى دين! وليس اوضح من ذلك ما كتبتة الفيلسوفة سيمون فى عندما قالت"اننا نعلم تماما ان امركة اوروبا بعد الحرب ستصبح خطرا عظيما,و نعلم ايضا مدى ما سنخسرة لو تم ذلك,لان امركة اوروبا سوف تمهد دون شك لامركة العالم باسرة...وحينئذ سوف تفقد الانسانية جمعاء ماضيها"
انها حضارة لاتحمل اى معنى او هدف كما انها اضافت من العادات السيئة و المدمرة للمجتمعات العربية و العالمية الكثير , و ليس ادل من ذلك انتشار ظاهرة الشواذ جنسيا التى تهدد و تقلق مجتمعاتهم حتى ان لهؤلاء الشواذ جمعيات و نقابات تدافع عن حقوقهم بالاضافة الى سيطرة شهوة المال و السعى الدؤوب وراء المادة دون النظر الى الاجتماعيات التى تحدد علاقات البشر بعضهم ببعض , و ليس ادل من ذلك ايضا ما قالة الكاتب الكبير توكفيل الذى كان اول محلل و مراقب ثاقب البصيرة للولايات المتحدة فى كتابة "وكانت لاتزال وليدة" حين قال "لم اعرف شعبا مثل هذا الشعب استولى فية حب المال على قلوب البشر" و اظن ان اكبر اداة استطاعت بها الولايات المتحدة غزو العالم و البلدان العربية هى الافلام الامريكية و التى تدور على محاور معروفة و هى اما تمجيد الحضارة الامريكية و اعتبارها الحضارة المخلصة,و اما تمجيد الفرد الامريكى و اعتبارة الانسان السوبر,و اما اشاعة الرذيلة و الانحلال و الحرية الشخصية بلا قيود او حدود,اذا الا يدعوا كل هذا الى مقاطعة هذة الحضارة الفاسدة ,و علينا الى الاسراع بذلك على الاقل حماية لانفسنا و شبابنا من الضياع قبل فوات الاوان
هذة النقطة تهم شريحة كبيرة من المجتمع العربى لانة بطبيعتة مجتمع متدين.
لذا سنورد بعض الفتاوى لبعض كبار العلماء ..